هل للعذراء حق الشفاعة أم لا ؟

العذرا مريم والدة المسيح , والمسيح أثناء حياتهِ على الارض كان بشراََ سوياََ مثل أي واحدِِ منا, إلا أَنَّهُ كان إلهاََ متجسداََ في نفس الوقت أيضاََ, وهو لم يستطع رفض أي طلب للعذراء مريم أُمه أثناء حياته الارضية البشرية لسبب واحد , لأَنَّهُ في حالة الرفض كان سيكون قد أخلَ في مضمون الوصية الرابعة التي تقول " أكرم أباك وأُمك" ولو فعل هذا لحُسب ذلك عليه خطيئة , وإن اخطأ لم يكن ممكناََ لهُ أن يكمل فداء البشر , فالخاطيء لا ينفع أن يكون فادياََ.

فهل يا تُرى كانت طاعتهُ للعذراء بطبيعته البشرية أم الالهية ؟ ولكنه كان الهاََ متجسداََ لذا قال اشعيا تدعونه عمانوئيل " اي الله معنا " ,فإذن وجب عليه طاعة العذراء بصفتيهِ البشرية والالهية وهو على الارض لغاية إكمال فداء البشر , فيا تُرى هل سيتنصل عن هذه الطاعة بعد قيامتهِ ويتنكر لأُمِهِ لأنها بشر قبل موتها وبعده . ولكن الله وهو إله تنازل واخذ جسداََ مثلنا ليفدينا لفرط محبتِهِ للبشر, فهل سيكون أقل محبتاََ لوالدتهِ وهي بشر؟

العذراء مريم لم تكن لتخلص وتصل إلى ملكوت الله بقدرتها وقوتها هي, فقد سبق وقال الله " لا صالح فيكم ولا واحد" فإذن هي بحاجة دم الفداء لتخلص , شأنها في ذلك شأن كل البشر بما فيهم آدم وإبراهيم والانبياء والقديسين ومن دون إستثناء لكائِنِِ من كان من البشر أجمعين من آدم وإلى يوم الدين.

فالخلاص هو بدم المسيح الفادي فقط , وليس بغيره الخلاص فقد قال " لا يأتي أحد إلى الآب إلا بي, وانا هو طريقُ الحقِ والحياة" فطلب الخلاص ممكن للجميع من دون طلب معونة العذراء , ولكن لا يخطيء من طلب معونتها , فالمسيح لا يمكن ان يرفض لها طلباََ ولا أن يتنصل من أن يكون لها إبناََ فالله لا زمان لهُ , ليقول عندما كنت بشراََ أطعتُكِ أم الآن فلا , وإن كان الزمان لا ينطبق ولا يوثر فيهِ أو عليهِ , فكيف سيفصل الله بين فترةِ قبل تجسدهِ واثناء تجسدهِ وبعد صعودهِ وقيامتهِ وهو لا يحده الزمن ولا ينطبقُ عليهِ.

ولكن مصيبة العقل البشري إنَّ البشر لا يستطيعون أن يتخلصوا من عقدة الزمن الذي ينطبق عليهم , فراحوا يفصلون بين المسيح وامه العذراء, وقالوا إن العذراء هي ام المسيح عندما كان بشراََ ولكن ليست أم الله, وكأنهم يقولون إن المسيح لم يكن عمانوئيل , أي الله المتجسد , وإن كان هو قبل أن يتنازل وان يتجسد وان تكون العذراء اماََ لهُ فما شأنُ البشر ليقبلوا أو يرفضوا تواضعهُ أو أن يجدوا صعوبةََ في فهم تنازل الله وتواضعهُ , فقد قال إبليس قبلهم " ما الانسان حتى تذكرهُ وإبن البشرِ حتى تفتقده , نقصتهُ عن الملائكةِ قليلاََ وكللتهُ بالمجدِ والكرامة"

وذهب البعض منهم يتهكم حتى بالمسيح وقال مستنكراََ أن يكون الله قد تجسد وقبل جسد مثلنا وسخر ورفض التجسد " وضحك من عمانوئيل " الله معنا المتجسد" وسخر قائلاََ وواصفاََ ومستنكراََ أن يكون المسيح هو الله بحجةِ السوال " كيف يكون الله متبولاََ ؟ " فقد صعب عليهِ في تفكيرهِ البشري المحدود أن يقبل تنازل الله ليقبل جسداََ مثلنا لمحبتِهِ لنا , تماماََ كما حصل لابليس واستنكر هذه المحبة الالهية لبني البشر , فهم لم يفهموا سبب خلق الانسان بعد ؟ ونسوا إنَّ الله قال" أنا قُلتُ إنكم الهة" ولم ولن يفهموا معنى هذهِ الكلمات ما داموا لو يفهموا سبب خلق الانسان بعد.

نعم للعذراء حق الامومة والطاعة على المسيح بصفتيهِ الالهية والبشرية , فهو منحها هذا الحق عندما تنازل الله وقبل أن يتجسد وان يكون بشراََ مثلنا , فلا تتعجبوا وتسنكروا وتسخروا من حق العذراء بطلب الشفاعة وهبوبها لمعونة كل من يطلب منها, فهي أم الله عمانوئيل الذي عاش وجال بيننا فالله هو هو قبل التجسد واثناء التجسد وبعده.

ولمن لا يريد طلب معونتها أو شفاعتها لا زال طريق الخلاص مفتوحاََ فالمسيح فاتحاََ يديه لكل من يطلب منهِ فهو قد فدى كل بشر يطلبُ الفداء. لكن لا تتنكروا لامه فاحذروا إحذروا " إنَّهُ لم يكن يوماََ عاقاََ بوالديهِ " .

ولينير الله عقولكم وتعرفوا لما خُلِقَ الانسان , وما كان القصدُ من خلقِهِ .... آمين ؟

بقلم / نوري كريم داؤد

10 / 03 / 2006



"إرجع إلى ألبداية "